في التاسعة، وضعتُ كذبتي الاولى.

وسرقتُ اقلاماً ملونةًًًًًًًًً من بيت الجيران،
 لأرسم على اي جدار يرهقني عِلوه
 نخلةً وشمساً ودمىً تبتسم لعريها
وأشكالاً خضراء مبهمة ،
تبدأ بنقطة وتنتهي  بها،
خضراء دائما
مثل مخاط رياض الملتصق على وجنتيه.

كمذاق الآيس كريم
هائلة آثامي القديمة تلك وباردة
 كلما أرتكبها
تسَري رعشتها في عمودي الفقري.
وسريعاً....
 أسرق نفسي بالهرب
من أبي العابس
يزمجر له مزلاج البوابة ،
يحررُ خطوطَ  جبينه من بيريته العسكرية،
وينبح أوامره في كل اتجاه.

وأسرق نفسي بالتناوم
من وعيد معلمة الدين ست شكرية البدينة
بجنهم الله أعدت للسارقين.
 
وفي الصباح،
 كل صباح...
 بوجهي الاحمق،
 أجرجر كتبي الى المدرسة ،
 وحيدة أقود كذبتي،
والمخاتلات الملونات رفيقاتي.
 
"كلنا نكذب" تقول إمي المصابة بعوق الفضيلة الولادي،
"وكيف ننجو من حماقاتنا؟"
  ترمق أبي ...
وتنسج خيبتها مع  دخان سجائرها الارستقراطية بحسرة.
 
آه… يا أكاذيبي
المطيعة الفاتنة،
تلاحقيني أينما اذهب.
ضفيرةٌ وكتفها، 
وثاقٌ أبدي.  
 
الأكاذيب شعبي وانا الملكة.
كلما وضعتُ كذبةً جديدةً
أزدادُ قوة.
لكني متعبة،
دائما متعبة،
ومن اجلك ،
أيتها الراحة 
 أقشرُ أكاذيبي  بالاعتراف
لحشائش الحديقة العامة، تارة
وتارة عند ضريح سانت البانس**.
 

 أكاذيبي....
 أيتها الخدع البهية وأمصالها :
إمضِ قدماً يا بغالي، لاعليك...
تسلقي رعونة الصدق وحدك.
 تبرعمي ثم إزهري.
فكلُ قناعةٍ قسرٌ
وكلُ قسرٍ عار.

_____________________________________________________
*رياض : ابن الجيران الذي كنت اشاركه اللعب في طفولتي.
**سانت البانس : قديس مات شهيدا ودفن في كاتدرائية تحمل اسمه وتقع في مدينة (سانت البانس) شمال لندن.