ماذا فعل بي جورج قرداحي؟            من هي سيمون دي بوفوار؟؟؟؟            إمتنان قصيدة للشاعرة العراقية فيء ناصر             حياة محمد أركون بقلم إبنته سيلفي             مقولة اليوم لسيمون دي بوفوار : المرأة لا تولد إمرأة و إنّما تصبح كذلك       يمكننا شحن اللوحات أيضا إليكم : آخر لوحة وضعت على الموقع لوحة الرسامة اللبنانية سليمى زود             يقدم الموقع خدمات إعلامية منوعة : 0096171594738            نعتذر لبعض مراسلينا عن عدم نشر موادهم سريعا لكثرة المواد التي تصلنا، قريبا ستجد كل النصوص مكانا لها ..دمتم       نبحث عن مخرج و كاميرامان و مختص في المونتاج لإنجاز تحقيق تلفزيوني             فرجينيا وولف ترحب بكم...تغطية فيء ناصر من لندن             boutique famoh : أجمل اللوحات لرسامين من الجزائر و كل العالم             لوحات لتشكيليين جزائريين             المثقف العربي يعتبر الكاتبة الأنثى مادة دسمة للتحرش...موضوع يجب أن نتحدث فيه            famoh : men and women without Borders       famoh : femmes et hommes, sans frontieres       ***أطفئ سيجارتك و أنت تتجول في هذا الموقع            دليل فامو دليل المثقف للأماكن التي تناسب ميوله...مكتبات، ، قهاوي، مطاعم، مسارح...إلخ...إلخ           
سرديات عودة
مقطع من رواية للكاتب العراقي ضياء الجبيلي (السبت 24 ت2 2012)




عندما كنتُ صغيراً، كنتُ أُفسد الأشياء بقصد التصليح. ففي يوم من الأيام أزعجني مرأى النمل الفارسي وهو يلوذ أسفل النخلة الصغيرة والوحيدة في حديقة بيتنا، وكان والدي يحبها ويواظب على سقيها والاعتناء بها كما لو كانت عمته فعلا. لم ينفع الماء في إزاحة النمل، ما دفعني إلى استعمال وسائل إبادة أخرى، كأن أصب النفط أسفل النخلة، وأزيد على ذلك بإضرام النار لقتل النمل المزعج، وقد نجح الأمر في النهاية، لكن احترقت النخلة وأعدمت كمية النفط الأبيض الحياة في جذورها، ومرض والدي ونُقل في إثرها إلى المستشفى. يحدثُ أيضاً أن تتدخل لفظ شجار بين مجموعتين من الطلاب في المتوسطة، ثم تجد نفسك في داخل المعمعة، تنهش هذا وتعض ذاك، حتى إذا بحثوا عن الأسباب التي أدت إلى نشوب هذا العراك، تكون أنت أحد أسبابه القوية. أن تعمي العين بدلاً من تكحيلها، فهذا ما يسمونه بالغباء الساطع أو قصر النظر من النوع المحسن. وهكذا كان الحال معي عندما اعترضت طريق ماهر ابن عم حنان عند الجسر الأحمر في ذلك اليوم. فحينما تقول لشخص ما بلهجة آمرة : " هلا تفضلت معي رجاء ؟ " وأنت مجرد مواطن عادي، ومن دون أن تفكر بتجميلها بشي من التملق أو التزلف ما دام أن ذلك الشخص يكون ابن عم الفتاة التي تحبها، فكأنك بذلك تسوقه إلى الحبس، وبمعنى آخر ذلك يعني أن غباءك ساطع، ويمكن أن يُرى أو يُشم من بعد عدة أميال. إنها لهجة الضابط المهذب والمدرب جيداً على كيفية التعامل مع شخص صار في النية اعتقاله. ولا يستحسن قولها لابن عم الفتاة التي تحبها، وأنت تعلم جيداً أن اسمها موشوم على ذراعه منذ أن كانت في الخامسة. نعم، ربما كانت عبارة " لا تخف لن أأخذ رأسك " مزحة شائعة في تلك الأيام. لكن، لماذا عليّ أن أمازح بها شخص هو في الأساس غريمي، ندّي، عدوي اللدود إن صح الأمر. إنها مزحة يمكن أن تقولها لرفيق الثانوية أو لأخيك من أبيك، أو بينما أنت تلح على ابنة الجيران لكي تواعدها على السطح بحجة نشر الغسيل. لكن، أن تنبري بها أمام شخص حذرتك منه حبيبتك، كما يحذر أحدهم من قرش يتصيد الناس على جرف النهر، فكأنك بذلك دسست فأراً متعفناً في جيبه، من دون أن تفكر بالهرب لكي لا يصفعك ويكسر أنفك بنطحة من رأسه الصلب. فإصلاح الأمور بهذه الطريقة الغبية يجعل المرء يراوح في المكان الذي وجد فيه نفسه أول مرة. وإلا ما الحلول التي يمكن أن يقدمها الزواج من امرأة لا تحبها، سوى أنك تظل تكابد لوعة أخرى أشد فتكاً من لوعة فراق الحبيبة. لوعة أن تنام إلى جوار امرأة تظن أنها حبيبتك، وما أن يزول أثر الرعشة الحمقاء وتنصهر اللذة في آتون الإفراغ الغبي، الإفراغ الحيواني السريع والسخيف جداً، حتى ترى أنك تجثم على كتلة صلبة من الواقع لا ينفع في تكسيرها خيال ما بعد الإفراغ. حينئذ، سيعتريك الشعور المراهق بالذنب، وكأنك انتهيت للتو من الاستمناء على صورة فاضحة. وكأنك لبثت تلك الدقائق في بالوعة من الخيال الفاشل. وكأنك هربت من جبل إلى الجبل نفسه من دون أن تطول يداك شيئاً من حصى الوادي لتكسر به زجاج سجنك الذي وضعت نفسك فيه وقررت أن يكون ذلك على النحو الذي أراده قاضٍ متعجرف لشخص في قفص الاتهام، عندما حكم عليه بالسجن 99 عاماً. فالرقم 99 هنا يبدو أكبر من المائة وأكثر منه رعباً. يبدو رقماً معلقا بين الأرض والسماء، قاسٍ ومستفز ومدمر. يفي بالغرض إذا ما شبهته بتسمية ابنتك على اسم حبيبتك السابقة، ثم تعود لتتساءل بغباء وحمق مفتعلين عن السبب وراء رفض زوجتك لهذا الاسم، وتهديدها لك بالطلاق، وكأنك لا تعلم ماذا يعني أن يمضي الزوج مستميتاً في هذا الأمر، وما إذا كانت هناك رائحة امرأة أخرى في حياتك، ما زلت متعلقاً بها إلى الحد الذي لن تلاحظ نفسك جيدا وأنت تقاتل من أجل أن تسمي ابنتك باسمها. ألا يشبه ما ستكون أنت بصدده في تلك الأثناء الرقم 99 ؟ ألا يبدو الأمر مرعباً ومستفز ومدمر ويفي بالغرض لتجفيف دم الزوجة وانتزاع روحها من جسدها، تماما كما يفعل الرقم 99 بسجين متهم بقتل ثلاثة عشر فردا ؟

المشكلة أنني وحتى وقتٍ قريب - عندما انفلتت كلمة " نعم " من فمي لأجيب بها على سؤال حنان عما إذا كانت زوجتي حامل – حاولت تدارك المواقف الرعناء التي رميت نفسي في وحلها ورحت أتخبط هنا وهناك لكي أرقع ما ثقبته، حتى شعرت أنني أحاول بذلك ترقيع الثقب الرهيب في طبقة الأوزون. لماذا لم أدع الأمور وشأنها لكي تحدث ؟ لماذا حكمتُ على الأشياء بدم بارد وألصقت على واجهاتها الرقم 99 عنوة ؟ لماذا حسبت الأمر مجرد مزحة عندما كانت حنان تقول لي :

" لا تخف سأهرب معك "

" وكيف سيحصل ذلك ؟ "

" لا عليك، انتظر مني اتصالا فحسب "

هل يبدو هذا مزاحاً ؟ هل ضحكت أو قهقهت حنان ووضعت يدها على فمها لتكتم ضحكتها، حتى أظن أن ما بدر منها لم يكن في الحقيقة سوى مزحة سخيفة ؟ وهل يبدو إلقاء جثة مقطوعة الرأس في نهر بدلا من دفنها في الحديقة أمراً مستحسناً، يمكن أن يجلب لك كلمات الثناء، ويجعل منك بطلا ذكيا وحاذقاً ؟



التعليق بقلم فضيلة الفاروق
بالمختصر ضياء الجبيلي :
صدر له :
لعنة ماركيز .. رواية 2007
إصدارات اتحاد أدباء وكتاب البصرة

وجه فنسنت القبيح .. رواية قصيرة بالاشتراك مع الروائي على عباس خفيف .. عن المشغل السردي في البصرة

بوغيز العجيب - رواية - عن مؤسسة الدوسري في البحرين 2011
فاز بجائزة دبي عن روايته لعنة ماركيز 2007