ماذا فعل بي جورج قرداحي؟            من هي سيمون دي بوفوار؟؟؟؟            إمتنان قصيدة للشاعرة العراقية فيء ناصر             حياة محمد أركون بقلم إبنته سيلفي             مقولة اليوم لسيمون دي بوفوار : المرأة لا تولد إمرأة و إنّما تصبح كذلك       يمكننا شحن اللوحات أيضا إليكم : آخر لوحة وضعت على الموقع لوحة الرسامة اللبنانية سليمى زود             يقدم الموقع خدمات إعلامية منوعة : 0096171594738            نعتذر لبعض مراسلينا عن عدم نشر موادهم سريعا لكثرة المواد التي تصلنا، قريبا ستجد كل النصوص مكانا لها ..دمتم       نبحث عن مخرج و كاميرامان و مختص في المونتاج لإنجاز تحقيق تلفزيوني             فرجينيا وولف ترحب بكم...تغطية فيء ناصر من لندن             boutique famoh : أجمل اللوحات لرسامين من الجزائر و كل العالم             لوحات لتشكيليين جزائريين             المثقف العربي يعتبر الكاتبة الأنثى مادة دسمة للتحرش...موضوع يجب أن نتحدث فيه            famoh : men and women without Borders       famoh : femmes et hommes, sans frontieres       ***أطفئ سيجارتك و أنت تتجول في هذا الموقع            دليل فامو دليل المثقف للأماكن التي تناسب ميوله...مكتبات، ، قهاوي، مطاعم، مسارح...إلخ...إلخ           
سرديات عودة
النبى دانيال.. قصة شارع تسكنه الاسكندرية للكاتبة المصرية دينا سليمان  (الخميس 9 ك2 2014)




عبثا أن تحصر الاسكندرية فى البحر، وشارع خالد بن الوليد، وسلطنة استانلى، وتكتفى بالتقاط الصور أمام سلم مكتبة الاسكندرية، وقلعة قايتباى وعلى صخرة ميامى.. لتصيح بعدها كم أعشق هذا البلد، ومش عشان اللى بنى مصر حلوانى، يبقى اللى بنى اسكندرية "أحمد حسنين" بتاع الهريسة!!

فالاسكندرية مدينة تختصر العالم بأسره، وتسكن بشارع لايتعدى بضع خطوات، شارع النبى دانيال .. الذى أصبح محط الأنظار العالمية مؤخرا ـ هكذا أتمنى ـ  وبالطبع لاأقصد منافسته المعروفة لشهرة شارع الشانزلزيه بباريس ـ وهذا أقل مما يستحقه ـ لكننى هنا اتكلم عن محاولة إغتياله، والإعتداء على حرمته، وإستباحه دماءه فى الأشهر الحرم.

فهذا الوقت من العام هو بمثابة موسم الحج للنبى دانيال، فمع موعد إقتراب العام الدراسى، تزداد حركة البيع والشراء للكتب المدرسية والخارجية والداخلية والجامعية، فهو الملاذ الوحيد للبسطاء من آمنوا بإن التعليم ـ ملوث ـ كالماء والهواء، الا ان هذا لم يمنع حدوث الكارثة ... وحتى لاتتهمنى بإثارة الفتن وزعزعة الأمن ـ المركزى ـ العام ، فهذا سرد تفصيلى لما حدث قبل الحادث وخلاله وحتى لحظة كتابة هذه السطور.

 

الخميس (6سبتمبر 2012) السابعة مساءا

قبيل الحادث بعدة ساعات، حيث كنت مع إحدى الصديقات نسير فى تكاسل مقصود يسمح لى بمتابعة الأكشاك من خلال نظرة اولى سريعه متفحصة، إستعدادا للفرزالتفصيلى لكل كبيرة وصغيره به، وحتى لا تشعر صديقتى بالملل أثناء ممارسة هذا الطقس الإدمانى، أخذت  أسرد لها عظمة هذا الشارع تاريخيا وجغرافيا وفزيائيا، فمابالك بشارع أوله مسجد وأوسطه كنيسه وآخره معبد... فهو الشارع الجامعة كما أحب أن اناديه، لقد ضاعت سنوات عمرى بين مراحل التعليم المختلفة من التعليم الأساسى للتعليم الجامعى، ولم اجد فيهم ماوجدته بين طيات هذا الشارع.

أخبرت صديقتى من خلال حسرة واضحة، أن شارع بطول خمسين خطوة من المقاس المتوسط هو قمة العنصرية لصالح القاهريون ، فهم يمتلكوا صرح يدعى سور الأزبكيه، وينعمون بمركزيتها المتفجرة، ونحن نأخذ الفتات فى صورة بعض الأكشاك، وكنت أعلم أن حقدى

 ـ المقصود ـ  هذا ستكون نتيجته الوحيدة أن أشرب البحر كاملا.

فصديقتى لاتهتم بالقراءة، وهذا هو سر مرافقتى لها ، فأنا لست بهذا الغباء لأصطحب معى أحد المنافسين ممن نطلق عليهم (دودة قرايه)، ليبدأ صراعنا الأبدى مع اول صف للكتب ( أنا اللى شفت الكتاب الاول... بس انا اللى مسكته الأول) وينتهى بنا الحال على قائمة البلوك فى الفيس بوك، فهنا  فى صحبة أهل النبوة يجب ان تطوف وحدك، حتى تسمع نداء الكتب لك... أجل فالكتب تختارنا لنقرأها. وهذا أول ماتعلمته من دروس النبى دانيال.

أتذكر هذا الشارع منذ سنوات، قبل بناء الأكشاك، حيث البائعون يفترشوا الأرض وينتشروا ويتوغلوا، فى تمازج شديد التناغم يربط بين الكتاب والارض والهواء ، لا تشعر معه بانحناءك  أو قرفصتك لساعات تنتقى بين الكتب وتعيد فرزها، وترتيبها للبائع إن لزم الأمر.

ثم ظهرت الاكشاك بعد ذلك لتعطى طابعا حضاريا، نفرت منه فى البداية، فكل شئ أصبح جافا جامدا، نظيفا منظما ، ولكن حتى لاتهان الكتب، رضيت  مرغمة على هذا النظام العبثى.

صديقتى لم تكن تعرف أن شارع النبى دانيال من أقدم شوارع الاسكندريه، حيث زادت حوله الأقاويل عن وجود مقبرة الاسكندر أسفل طرقاته،  لكنها فاجأتنى  بمعرفتها للأسكندر جيدا، حتى لا أتهمها بضحالة ثقافتها، وقبل أن أحييها على هذا الإنجاز، وجدتها تلتفت إلى أحد الطاولات المعروض عليها مجلات ميكى، لتطلق صرخة النصر، بأنها وجدت مبتغاها، ولكنها أظهرت وجهها الأخر حين رفضت أن تعيرها لى بعد أن تقرأها.

فى شارع النبى دانيال فقط، تجد للجنيه قيمة حقيقية، بعيدا عن حسابات البورصة وإرتفاع الدولار وعدم توافر البنزين، وجنون الطماطم، فجنيه واحد يجعلك صاحب أملاك، فأنت تمتلك كتاب تقرأ فيه وتمرره لأصدقائك وتتركه لورثتك وتشارك  به فى صنع معرفه لأجيال كاملة.

إنتهت رحلتى دون ان أشعر بالوقت، ودون ان أشعر بصديقتى أيضا، لأجد حصيلتى لاتتعدى بضعة كتب، فقد تضائل عدد الكتب الأدبية بصورة مبالغ فيها، فهل خلت الاسكندرية من مكتبات الأدباء والمثقفون الراحلون، أم أن الورثة يفضلون بيع الكتب لقراطيس اللب والترمس، فالكتب الدينية والمدرسية فى قائمة ( البيست سيلر) .. لكن هذا افضل من لاشئ، أما عن صديقتى فقد أصبحت من دراويش النبى دانيال وشارعه، وهذا سيجعلنى أفكر كثيرا قبل اصطحابها معى.

وهنا عليك أن تسأل عن علاقة هذا السرد  بحادثة النبى دانيال، لكننى حقا لا أملك الإجابة... إنها فقط البداية

 

الجمعة ( 7سبتمبر 2012)  الرابعه فجرا

خروج الشرطة و قوات الامن ـ الساهرة دوما على أمننا ـ إلى شوارع الإسكندرية، تطارد تجار المخدرات واللصوص ومعتادى البلطجة، لتصطدم أمامها بكبيرهم، الداهيه العاتية الذى لايشق له غبار، من أدخل الرعب فى قلوب الجميع دون استثناء، بالطبع أتحدث عن شارع النبى دانيال، ولمن لا يعرف التكوين التشريحى لهذا الشارع فهو ينقسم الى جهتين إن كنت تقف فى مواجهه محطة مصر فعلى يسارك ستجد أكشاك الكتب، وعلى يمينك بائعى الملابس والولاعات والموبيلات والشرابات الـ3 بـ10جنيه، وكل مالذ و طاب من أشياء سارقة و مسروقه، لكن كل هذا لايهم، فقد صدرت أوامر عليا قصوى على درجة الغليان، بإزالة كل مايشغل الطرق ويشتغلها، فقامت القوات الأمنيه  بكامل عدتها وعتادها بمواجهه هذا الوحش الرابض خلف أرفف الكتب، والكتب حتى وان كنت تراها متراصه فى وداعه وهدوء، لاتعرف ماتخفيه بين طياتها، ولأن أعز من الولد.. (كتب) الولد، فإن لم تقدرعلى قتل كاتب أو مفكر أو مثقف، فمزق أولاده أمام عينيه. وبعد ازالة الأكشاك وماتحتويه من قنابل موقوته، صنعوا من الكتب كوبرى لتمر عليه جحافل  جيوشهم، ودهسوها بحوافر خيولهم، عذرا ..فهذا الوصف يتعلق بمكتبة بغداد قديما وماحدث بها من أفعال تتارية، وهناك فرق شاسع لايجب أن نغفله فى المقارنه، فاليوم استبدلنا الخيول بالبلدوزر ، وهذا للأمانة العلمية.

وبعد وقت ليس بقليل من أداءهم لواجبهم ، كانت المفاجأة ، فقد وجدوا أن هذه الأكشاك تملك التراخيص وعجبا انها ايضا لا تشغل الطريق، فتوقفوا فى الحال بعد هدم تسعة أكشاك ـ  فقط لاغيرـ  من أصل مايقرب من الخمسين كشك، ولكننا كالعاده نتمسك فى الأكشاك المتهدمه ونترك قطار العياط الذى وصل سليما، ولو لم نكن فى عهد مابعد ـ لامؤاخذه ـ الثورة، لكنت أقسمت لكم أن الجانى هو الماس الكهربائى أو على أقل تقديرفهو مختل عقلي.

 

الجمعة ( 7سبتمبر 2012)  الحادية عشر صباحاً

وبعد ساعات قليلة من هذا الحادث الغاشم/ الغشيم، الذى أطلق عليه البعض (موقعة النبى دانيال)

والبعض الأخر ( مذبحة النبى دانيال) والبعض الثالث ( كلنا النبى دانيال).. الا ان الجميع أتفق على ان هذا هو المتوقع من أيلول الأسود...وتباينت الأراء التى جعلتنا نعود للوراء قليلا ، وعلى طريقة المنتصر بالله " تراهنى اضرب الراجل هو هو على قفاه لرابع مرة.. وأقوله سورى"

فالبعض يطالب بالهدوء والتعقل وعدم إعطاء الأمر أكبر من حجمه، والحجة دائما.. أصلهم مايعرفوش... ونحن نخاف الا نقيم حدود الله، والبعض الأخر يستنكر بأبيات شوقى " إلام الخلف بينكم إلاما… وهذي الضجة الكبرى علاما"  ويؤيدهم أنصار نظرية "وكان ايه اللى نزل (الكتب) شارع النبى دانيال؟؟ لأ وكمان لابسه (الغلاف) ع اللحم!!"

ليظهر من جاءوا بالتايهه  ويتسائلون.. هو النبى دانيال ده مسلم ولا مسيحى؟؟!!

 

الجمعة ( 7سبتمبر 2012)  الحادية عشر مساءا

إنتشار الخبر فى  جميع الجرائد الصفراء والحمراء والخضراء والزرقاء وتقارير تملأ برامج التوك شوز، واليكم بعض عناوين الأخبار .

ـ إعتذار جميع المسئولين والمهتمين بالثقافة ، مع وعد بجميع التعويضات لأصحاب الأكشاك المتضرره، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، كما أن القانون لايحمى المغفلين.

ـ نفى الإعتذار، فالأكشاك التى تهدمت كانت بدون تراخيص، وكنا قد أنذرناهم .. وقد أعذر من أنذر.

ـ لقد قام أصحاب الأكشاك بإفتعال مشاجرة ، وعندما ظهرت قوات الامن لفضها، ألتبس الأمر للبعض.. فأرجوكم ألا تلتبسوا الأمور بعد ذلك.

ـ شاهد عشان يؤكده أن أربعة أكشاك فقط هى ماتهدمت... وفى أقوال أخرى كشك وكتابين

ـ تم إنقاذ أربع كتب، ومجلد ميكى وجارى البحث عن عدد سوبر فلاش.

ـ أحنا أصلا معندناش(كتب)

ـ اللى  (بيكتب) بيروح النار

ـ المثقفون يرفعون شعار (أترضاه لكتبك)

 

السبت ( 8سبتمبر 2012)  الثانية ظهرا

وقفة تضامنية بشارع النبى دانيال ، نظمها المهتمين بالثقافة والأدب والسياسة والذى منه، فى محاولة منهم للبحث عن متنفس يصرخون من خلاله( واثقافتاااااااه)،  فحضرت الجموع الغفيرة بالعشرات واحيانا بالوحايد، ليكتشفوا أن الثقافة أدب مش هز كتاف، فأمة إقرأ لا تقرأ .. ويبقى الحال على ماهو عليه، بعض التعويضات لأصحاب الأكشاك، مع إقتراح ـ  وتذكر أنه مجرد إقتراح ـ  لنقلها لمكان أخر أكثر ملاءمه، ليدفنوا بهذا أهم معلم سكندرى ثقافى، ويتفرق دم الكتب على أرصفة الشوارع... ويصبح من السهل القضاء عليهم متفرقين، فتجارة الشرابات الحريمى أكثر ربحا من تجارة الكتب.

 

الاربعاء 5 سبتمبر2012      

ملحوظة جانبية هامشيه غير ذات أهمية للبعض، فقبل جمعة النبى دانيال بأقل من يومين ..كانت الذكرى السابعة لحريق مسرح بنى سويف، لعل الذكرى تنفع.

 

وهنا وبعد سرد ماحدث، كما لايجب أن يسرد، أجدنى أمام بعض التوصيات للخروج من هذا المأزق، والعمل على عدم تكراره فى المستقبل.

 أولا : فنحن فى أشد الحاجة لوجود وزارة للإعتذارات، تكون وظيفتها كما قال فؤاد المهندس فى سك على بناتك (أحسس وأعتذر) .

ثانيا: ردم البحر فهو الجاذب الاول لجحافل المصيفين مما يؤدى بالضرورة إلى إشغال الطريق. ثالثا: تقسيم الاسكندرية وضمها الى المحافظات المجاورة فهذا جزاء من قالت لا للفلول، صاحبة أكبر معاقل التيارات الاسلامية وبرغم من هذا كان إختيارها فى الانتخابات ثوريا خالصا .

وختاما وبالصلاة على النبى (دانيال) علينا الا نقف امام هذا الحادث فقط، فبقليل من الملاحظه والربط  بين الأحداث المتتالية المتنوعة المتفردة الأخيرة.. بداية من منع الكتاب من إبداء رأيهم، فهم يقترفون الفكر..  والفكر يجيب الفقر، ومحاكمة القلة المثقفة لأنهم يبثوا الروح فى هذا العضو الفاسد الموجود بالأعلى، ويسمى ـ لامؤاخذة ـ  العقل، ومرورا بمصادرة الصحف، والهجوم على الفنانين، وصولا الى الحديث عن بعضنا بصفة عبدة الشيطان، وهذا كله بدون قصد ... لكن العيار اللى ميصيبش.. يقتل، ويكفى أن تقطع لى أصبعا لأعرف نواياك تجاهى، ولا أنتظر حتى تبتر يدى لأتأكد من هذا.

  المقال  الحائز على المركز الأول

والجايزة كانت 100 كتاب



التعليق بقلم فضيلة الفاروق