ماذا فعل بي جورج قرداحي؟            من هي سيمون دي بوفوار؟؟؟؟            إمتنان قصيدة للشاعرة العراقية فيء ناصر             حياة محمد أركون بقلم إبنته سيلفي             مقولة اليوم لسيمون دي بوفوار : المرأة لا تولد إمرأة و إنّما تصبح كذلك       يمكننا شحن اللوحات أيضا إليكم : آخر لوحة وضعت على الموقع لوحة الرسامة اللبنانية سليمى زود             يقدم الموقع خدمات إعلامية منوعة : 0096171594738            نعتذر لبعض مراسلينا عن عدم نشر موادهم سريعا لكثرة المواد التي تصلنا، قريبا ستجد كل النصوص مكانا لها ..دمتم       نبحث عن مخرج و كاميرامان و مختص في المونتاج لإنجاز تحقيق تلفزيوني             فرجينيا وولف ترحب بكم...تغطية فيء ناصر من لندن             boutique famoh : أجمل اللوحات لرسامين من الجزائر و كل العالم             لوحات لتشكيليين جزائريين             المثقف العربي يعتبر الكاتبة الأنثى مادة دسمة للتحرش...موضوع يجب أن نتحدث فيه            famoh : men and women without Borders       famoh : femmes et hommes, sans frontieres       ***أطفئ سيجارتك و أنت تتجول في هذا الموقع            دليل فامو دليل المثقف للأماكن التي تناسب ميوله...مكتبات، ، قهاوي، مطاعم، مسارح...إلخ...إلخ           
سرديات عودة
" طاطويا" نص قصصي ل...عبد الحكيم بوهراوة (السبت 5 ت1 2013)


الإهداء:   إلى أرواح كل الشهداء الذين سقطوا في ميدان الشرف 
إلى روح الكاتب الهاشمي سعيداني
  إلى روح  الرسام عقيني عبد الرزاق
  إلى كل زملاء الدرب...
  إلى الرومانسية الحالمة...
  إلى روح الصديق بلحداد مسعود    
       
      
                مازالت تخاريف أحلامي تراقصني على موسيقى كلاسيكية ،تغريني بعبق عطر تفوح منه رائحة الماضي ... ماضٍ نحنُّ إليه دائما رغم ذكرياته الحزينة،رغم الألم إلا أننا نجد لذة في ذلك العذاب...
        في أمسية من أمسيات الشتاء الموحشة كنت قد انتهيت من كتابة قصة ركنتها مع باقي القصص التي كنت قد كتبتها هربا من وحشتي ... هربا من كل هذه الدنيا ...كنت أتسلل مع الكلمات إلى عالم أحيا فيه للحظات مع أطياف أحلامي...
        في كل مرة كان سؤال ينقر ذاكرتي ويحير عقلي ... سؤال كنت دائما أأجل الإجابة عليه إلى وقت آخر ... اليوم أصر على طرح نفسه بقوة ... لماذا تكتب ؟نظرت إلى تلك الأوراق المكدسة على مكتبي والتي لاتود أن تحترق أوترمى في سلة المهملات كما فعلت بنظيراتها عدة مرات عندما  يجن جنوني  فألقي بها   في موقدنا "المازوتي الذي كان يلتهمها بنهم...
        لاأظن أن الإجابة عليك أيها السؤال ستكون هكذا عبثا بل يجب أن تعود معي إلى الماضي ننبش ذاكرة أيامه،ونفتش في دفاتره ونسرد أحداثه .
         كان سن المراهقة يوقد نار جنوني...عنفوان الشباب  بدأ يثيرني ،يدغدغ مشاعري ،رغم نحافة جسمي إلا أني كنت مشاغبا لايهمني سوى الضحك ،الضحك الذي سبب لي كثيرا من المشاكل مع أساتذتي .
         كانت الحياة جميلة ،هادئة لذيذة تعانق الأيام في لحظات عشق يسافر بأحلامي بعيدا ... رسائل الحب الأولى تشغل بالنا كثيرا بعد أن طرق أبواب قلوبنا المقفلة
كنا نبحث عن العبارات الرومانسية لنكتب رسالة إلى حبيب ملأ علينا الحياة بهجة وفرحة كان الحب طاهرا عفيفا لاتدنسه شهوة عابرة ،لغة العيون العاشقة ترسل نظراتها إلى القلوب الملتهبة فتهدأ نيرانها ... كثيرا ما ينشب شجار بين عاشقين بسبب غيرة ينتهي بسيلان الدم ليعبر عن حب صادق نسج خيوطه في الأعماق فاحتضنته كما تحتضن الأم طفلها...
        في مثل هذه السن المتوهجة ،المقبلة على اكتشاف الحياة بدأت أميل إلى قراءة الكتب والقصص ،كنت أقضي الليلي ساهرا أتابع تفاصيلها ،وأعيش مع أبطالها أحداث الفرح والحزن ... ؟؟أحداث اللقاء والفراق ... لحظات الحب .
       ماان تحل العطلة الصيفية حتى نفارق مقاعد الدراسة لنستريح من عناء الدروس وضغط الامتحانات ،هاربين من تسلط الأساتذة .كنا نستقبل العطلة بفرح شديد،رغم الحرارة التي تحرق الأجساد، نودع الأصدقاء ونقلع عن كتابة الرسائل الغرامية ،نكبت عشقنا في القلوب ... كثيرا ما نرى احد الأصدقاء وهو يروح ويجيء في ذلك الهجير الحارق يحاول أن يرى حبيبته من نافذة ا أو سطح  المنزل ونادرا مايفلح في محاولته ويعود فرحا مبتهجا بعد أن أطفأ نار الشوق الملتهبة في أعماقه...
       كانت مدينة  تازولت ا لصغيرة لاتسع كل ذلك الزخم من الأفكار الشيطانية المتدفقة عليها كان البعض يحزم متاعه إلى البحر أو إلى الريف ،والبعض الأخر يبقى يتسكع في شوارع المدينة يكسرون هدوءها عند الظهيرة فيوقظون الناس الغارقين في النوم بصراخهم تارة وتارة أخرى يدقون أجراس البيوت ثم يولون هاربين كانت الوسيلة الوحيدة لقتل الوقت وطرد الملل والروتين الخانق .
       كان سمير يهرب بنفسه من حرارة الشمس ،وشيطنة الأصحاب ،فيذهب إلى الغابة المجاورة وينشغل بصيد الطيور وتتتبع أعشاشها من مكان إلى آخر ومن منبع ماء إلى ساقية تنتهي في عمق الوادي ... في المساء يعود حاملا عشا وبعض الطيور ،يتجمع حوله الأصحاب يحاولون اخذ طير منه ولو بالقوة فينشب عراك وتهرب الطيور وسط ذلك التجاذب فتتسرب الحسرة إلى نفوسهم وهم يتابعونها بأعينهم وهي تعود أدراجها حتى تغيب وسط الأشجار .
هذه الأيام  المليئة بالبراءة والعفوية التي انغرست في أعماقنا ممن بعض الحكايات الخرافية التي كانت تحكيها لنا جداتنا ونحن مجتمعين أمام المواقد في ليالي الشتاء الباردة...
مر الصيف ... حل الخريف ...بدأت الريح تعبث بأوراق الأشجار المتناثرة على الطرقات والأرصفة ... امتلأت الشوارع بالمارة استعدادا للدخول المدرسي .
رغم طول أيام الصيف الا أننا كنا نشعر بأن العطلة كانت قصيرة جدا فنشتاق إلى تلك الأيام ... لكن ما العمل سوى الإذعان والعودة إلى مقاعد الدراسة .
في اليوم الأول نلتقي  بالأصدقاء والزملاء الذين فارقناهم لشهور كنا نتجاذب أطراف الحديث عن مغامراتنا أثناء العطلة الصيفية دون أن ننسى الشوق إلى حبيباتنا بل زوجات المستقبل فترسمهن الأحلام جميلات ... رشيقات ... مطيعات ...كانت صورا رومانسية تبعث السعادة في قلوبنا ...
في عطلة نصف الأسبوع نهجم على أسواق الفلاح نأكل ما لذ وطاب بعيدا عن الأعين المتلصصة ثم نخرج بأيدي فارغة وبطون ممتلئة وشفاه مبتسمة ابتسامة خبث ودهاء
كانت هذه الحياة البسيطة الهادئة تبعث في نفسي الفرح ،بعد ساعات الدراسة المتعبة والمملة في بعض الأحيان كنت أستريح بالجلوس مع والدتي التي كثيرا ماتعايرني أوتقذفني بحذائها الذي يترك أثارا على جسدي ولم تكن لتسكت وأنا غير مبالي بما تقوله فتهرول إلي لتنزع من بين يدي قصة كنت قد حصلت عليها من مكتبة البلدية ،انهض من مكاني  وأخفي القصة وراء ظهري متوسلا لها بأن تتركني لأكمل قراءتها كنت أستغل حنانها ويختلط عليها الأمر ،حنا ن الأم يريد أن يلبي طلبات الولد،وخوفها من عدم نجاحي وانتقالي إلى المرحلة الثانوية يجعلها تصر على أخذ القصة.  في الأخير كانت تستسلم لحنانها فتتركني أكمل قراءة القصة ،أعود لألقي بجسدي على السرير وأسافر مع أبطال القصة بعيدا عني أمي ... عمّا يجري حولي ...بعيدا عن مدينتي ...
نما حب الكتابة في قلبي كعشق بعدما كان مجرد إعجاب بالنفس وأنا أكتب قصيدة شعرية لأول مرة ،طرت من الفرح أعانق عنان السماء محلقا في فضاءات الخيال ثملا من خمرة تدفقت من كلماتي فرحت أتجرعها بلذة حتى أفقدتني صوابي
للحظة شعرت أني امرئ القيس ،أو نزار قباني ... رحت أقرأ تلك الكلمات القليلة بصوت يملأه الفخر والعظمة:

في غيا هب الظلام
يحتويني سكون الليل
الحزين
يحتضنني صوت ترن له
 الأعماق
يخترق جنبات أضلعي
يا ليلا في قلبي لأود
الفراق
فأنت دليل حبي
سأبني لك على أوزان الشعر
قصرا
وأجعل القوافي لك عبيد

في الغرفة كنت أروح وأجيء حاملا الورقة  أعيد ترديد تلك الأبيات أمشي الخيلاء أقمت الدنيا بها في البيت الشئ جعل أمي تصرخ في وجهي بعد أن أيقظتها من غفوتها عندها أفقت من ثمالتي وعدت إلى صوابي ... في تلك الليلة رأيت في حلمي شيخا قال لي :
أقول ابشر أم أقول...؟
ستكتب بهذا القلم مواجع
 ويسيل حبره على الأوراق
انهارا
وتسهر ليالي 
مع أطيافي تحكي لك أحزان
وتحترق بنار الألم
ويصير دخانها قصائد وأشعار
هي أمال تمكنت من الفؤاد
وحروف كلمات نسجت خيوطها
في الأعماق
أنت أسير
أسير القلم
        
عقدت قراني على الكتابة فأصبحت حبيبتي ...أجد المتعة وأنا أرسم حروف الكلمات على بياض الأوراق ...في لحظات الحزن لاأجد سوى القلم ليرمي عني ثقله الجاثم على صدري ...
أصبحت الكتابة تسري في دمي إلى حد الإدمان فلم يكن حلمي يتعدى حدود الورقة
حتى حبيبتي  كنت أهملها في بعض الأحيان ،وقد شعرت بغيرتها من الكتب والكتابة حتى قالت لي ذات يوم :
-لو كانت الكتابة أمراة لقتلتها..
                                    *         *          *
       انتقلت إلى الثانوية ادرس في فرع الأدب فشجعني أساتذتي على الكتابة ... الذي حدث أني رحت افقد الرغبة في الكتابة بعدان تسللت أسئلة إلى تفكري فشلت موهبتي .
كلما حاولت الكتابة قفزت تلك الأسئلة تحيرني ... تقلقني ... تتحول إلى أشباح تخيفني
وكوابيس تفزعني ...
لماذا تكتب ؟
 لمن تكتب؟
ما هذه ألأوراق التي تظل ساهرا من أجلها ؟
مجرد أوراق بيضاء تملأها بخر بشات ...
لاحظت أستاذة الأدب العربي ذلك التغير الذي طرأ على تفكيري ،فقد أصبحت شخصا مستهترا غير آبه بموهبتي ،أجفف أي تدفق لأفكاري ومشاعري ،حاولت الأستاذة
بشتى الوسا ئل أن تعيد قاطرة أفكاري المنحرفة إلى طريقها
أستاذتي كانت جذابة بعينيها الكبيرتين كأنهما شواطئ بحر مترامية ،وابتسامتها الساحرة ،استطاعت أن تحرك مشاعري الميتة وتفجر في أعماقي الساكنة بركان حب جرفني بسرعة ...
اختلطت الأفكار في رأسي ،ولم أجد منفذا للهروب من تلك الدوامة سوى العودة إلى الكتابة .

مر زمن والتفت إلى ماضي
تفوح منه رائحة تفاح
 عاد الحنين بجنونه القديم
مع قدوم الربيع
آه منك ياملكة الحروف
ومروضة الكلمات
كيف استطعت أن تكسري
كبريائي ؟
وتلفيني بقصائدك كما يلف
الطفل الصغير
تعيد ني كالآبق إلى أزمنه
بداياتي
في سلاسل العشق السرمدي
قيدتني إلى مكتبي
لأكتب شعري
خواطري
سابحا في بحر خربشاتي
عدت من حيث أتيت

كان حبا يدفعني  للكتابة ،فنهم الكتابة لايتوقف كلما نظرت إلى عينيها وتأملت ابتسامتها لست أدري أي سحر هذا الذي جعل الكلمات تجر بعضا البعض ليكتبها قلمي على بياض الأوراق .
هو سحر الحب ... سحرحب طالب لأستاذته ،هي معادلة صعبة ... لكن العشق يكسر القيود ويتجاوز كل الحدود ،يصنع المعجزات في زمن لايؤمن إلا بالخرافات...حب كنت أكبته في أعماقي التي لم تعد تتسع له فكان لزاما علي أن أبوح به  لها... كانت لحظة صعبة أن أقف أمامها وأنظر إلى عينها اللتان لم تعد تتحملان نظراتي الثاقبة ،أحمرت وجنتاها ،أخفت ارتباكها لكني لم أعر كل ذلك اهتمام ،بجرأة جنونية بحت لها بكل شئ.
مستحيل أن لاتصدق ذلك ... كانت تعرف من نظراتي ... من عودتي للكتابة ...من جفوني المنتفخة من كثرة السهر ... تعرف من غيرتي عليها ... تعرف من صمتي الطويل وأنا الذي كان لايغلق فمه من التشويش ... تعرف ولكنها تتجاهل...من غير المعقول أن تحب فتى مراهق، هذا طيش...بقيت صامتة تحدق في وجهي ... في عيناي ... في شفتاي التي علتهما رجفة الارتباك، لم تنبس ببنت شفه... طأطأت رأسها وغادرت القاعة ...
كان شعور الإحباط  ينخر أعماقي ،يحطم كياني ،يمتص قوتي ...بل كان يقتلني بدم بارد.

حبك مقصلة وأنت الجلاد
أنالسجين في قفص الغرام
كيف أهرب من   سجني
والمقصلة قائمة داخل نفسي
أقبع في زنزانتي
أطلق العنان لخيالي
ليلتقي طيفك
حتى يحين موعد تنفيذ حكم
إعدام
في سارق تسلل إلى فضاءات
أحلامك.
      
       جلست عند الموقد بجانب أمي وهي تربت على كتفي ،تواسيني لتطرد عني قليلا من الحزن الذي حط رحاله في أعماقي واستلذ بالدفء الذي ينبعث من نبضات قلبي المتسارعة ليتقي هو الأخر قسوة البرد ،رحت ارقب ألسنة اللهب وهي تتصارع فيما بينها ... فجأة خطرت لي فكرة ،نهضت إلى مكتبي الذي تناثرت عليه الأوراق، ،جمعتها في حركة سريعة كسارق تسلل إلى منزل يحاول سرقة كل ما تلمحه عيناه فتحت غطاء الموقد وزادت ألسنة النار استعارا وامتدت إلى يدي تحاول التهام الأوراق ... يداي كانتا كريمتين فألقتا لها بكومة الأوراق وراحت النار تحرقها بنهم إنسان جائع ،بل كوحش مفترس ... كان ذلك طلاق بيني وبين الكتابة فطويت صفحة من صفحات حياتي ...عدت إلى تمردي... طيشي ...جنوني ... استهتاري ...
لم تعد أستاذتي تحرك مشاعري ... لم تعد توقظ موهبتي الميتة ... لم تعد تسحرني عيناها ... لم تعد تستهويني ابتسامتها ... رغم إغراءها ... إيهامي بحبها ...لكني لم أكن أفكر في كل ذلك...

                                    *           *               *
         قادني القدر إلى زيارة مدينة قسنطينة ،مدينة الجسور المعلقة ... مدينة الأولياء والعلماء ... مدينة كاتب ياسن وأحلام مستغانمي ...مشيت لأول مرة على جسر
"قنطرة لهوا" فأحسست به يتحرك تحت قدماي ،ألقيت نظرة إلى الوادي السحيق وحجارته التي تحكي تاريخا لم تستطع البنايات الجديدة أن تطمسه   ولا البيوت القصديرية أن تشوهه ... كانت زيارتي مصادفة ليوم العلم فلبست المدينة حلة جميلة
مرافقي يدرس في جامعتها ويعرف المدينة أكثر مني ،فقادني إلى احد المعارض الذي نظم بالمناسبة،كانت الكتب المصففة على الطاولات تدغدغ إحساسي فتحركت مشاعر حب الكتابة في أعماقي  ،حاولت تجاهل الأمر لكنه أصر على دخول تفكيري من جديد لكني لم اسمح له بأن يضغط كثيرا فتجاوزته كما تجاوز الزمن سنين عمري، سرعان ما محوت صور الجسر من ذاكرتي ،غضضت بصري وأنا اسيرفي أزقة "السويقة" ودروب "رحبة الجمال " ،سرت بعيدا إلى ذلك الماخور إلى تلك المومسات لأقتل مشاعري ...لأنسى أني كنت يوما اكتب ...،لأ نسى انه كان لي قلب .

قف إلى أين أنت ذاهب ؟
تمشي كالسكران
بسرابيل متسول
       على كتفيك تحمل الزمن
الهارب من ذا  الزمن
قف إلى أين أنت ذاهب ؟
ذاهب لتنتحر
فأنت ميت
ذاهب لتحترق
فأنت في جهنم
       
      مضت السنين هادئة رتيبة بعد أن هجرت القلم والأوراق كنت أحيا مع أقراني ككل الناس ،لايشغل بالي أي شئ هجرت القراءة والكتابة ،أما ماكان عندي من كتب وقصص لغو غول وتولستوي وشكسبير ومحمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ كل هذه الأسماء كانت تحياعلى رفوف مكتبتي المتواضعة الاان أمي لم تكن راضية بهؤلاء الضيوف ... في يوم من الأيام جمعتها في كيس وخرجت بها بلا رجعة ، عادت إلى المنزل وهي تنفض يدها من ذلك الحمل الثقيل الذي كانت تحمله على كتفيها والابتسامة تعلو شفتيها فعرفت أنها قدتخلصت منها...

لن أتوقف
سأسافر مع القوافل المهاجرة
في الفيافي
لأهجر القوافي
وأهرب من كلماتي
احرق أوراقي
اكسر أقلامي
أسير لامبالي
عائد إلى تفا هاتي

      في مقهى مكتظ بالرواد ...في زاوية من تلك الزوايا التي يغمرها دخان السجائر أجلس إلى طاولة خشبية مع اصدقائي العب "الديمينو" حيث تتعالى الصيحات والشتائم وأصوات ارتطام قطع "الديمينو"بالطاولات ،وفي كل مرة تسمع :
-"ديمينو ... قفله..."
هكذا كنت اقضي أيامي التي لم أكن اشعر بها وهي تمضي في حساب أرقام قطع  "الديمينو" ا
دخلت ا لبلاد في عهد التعددية الحزبية وبدأت الحملات الدعائية تنظم في الساحات العمومية فكل حزب يحاول جذب اكبر عدد من المناصرين ... أول انتخابات في عهد الديمقراطية  كانت حدثا كبيرا شهدته البلاد .
لم تمر تلك المرحلة بسلام فقد شهدت اعتصامات واحتجاجات أدت إلى توقيف المسار الانتخابي ،دخلت البلاد في نفق مظلم من الأحداث والاغتيالات تطورت إلى نزاع مسلح وانتهى عهد الإبداع والكلمة وجاء وقت زخات الرصاص لتحتل يومياتنا لعشرية كاملة ...زهقت الأرواح ...قطعت  الرؤوس...هاجرت الكفاءات  ... عاشت المدينة أياما كأيام حروب الرومان ... اغتيلت عائلات بأكملها ... المقبرة كانت تجمع الناس في كل مرة لتودع شخصا في لحظات وداع لم تشهدها المدينة من قبل ... اليوم تشهد حربا بين الإخوة الأعداء ...عشرية كاملة طواها الزمن من يوميات البلاد.

الوطن يجلس على الرصيف
كمتسول تحوم حوله القطط
تلتقط بقايا الطعام
يتدثر بمجد الأيام
غير آبه بأضغاث الأحلام
ونباح الكلاب
ووشوشة الذباب
                         *                        *                  *
        طال طلاقي من الكتابة ،فعشق قلبي فنا آخر وإبداع آخر اكتشفت موهبتي فيه بمحض الصدفة انه فن الرسم ،كان عشقا جديدا طرق أبواب قلبي الذي استهوته الألوان وشغف أناملي حب احتضان الريشة..
كان حالي كمن طلق زوجة ثرثارة وتزوج بأخرى تشبهها ،ففي بعض الأحيان تثور ثائرتي عند فشلي في تجسيد لوحة فأمزقها وأدوس على علبة الألوان ... لحظات غضب تمر كسحابة صيف ثم أهدأ ،أندم على ما فعلت وأعيد الكرة من جديد... الرسم عوض ذلك الفراغ الذي كنت أشعر به من حين إلى آخر فلم أعد أحن إلى الكتابة ...
كلما شعرت بالحزن يملأ دفاتر أيامي هرعت إلى قاعة الرسم فالألوان تسافربي بعيدا مع زرقة البحر واخضرار السهول وقرمزية الأواني الفخارية وبنفسجية البنفسج ،كل ذلك يحرك بعضا من مشاعري التي قبرتها رتابة الأيام ...
           مضى عمري كما تغرب الشمس...في هذه المدينة الرومانية ذات المناظر الخلابة كنت أهرب من الروتين الخانق لأجلس على صخرة عند مصب الوادي ...بعيدا عني يجلس بعض الشباب  يدخنون سجائر المخدرات ويحتسون زجاجات "
"البيرة"هاربين من زحمة المدينة تداعب مخلياتهم أحلام وردية تبعث في نفوسهم نشوة سرعان ما تندثر مع انطفاء السجائر ونفاذ "البيرة "  ... يعودون إلى المدينة يجرون أرجلهم المثقلة من عبء الأيام وسكرة الخمر ...يثيرون فضول أولائك  المتعجرفين الذين مازال ماضيهم يعذبهم يشعرهم بالنقص يحاولون التخلص منه بالحديث خلسة عن كل ما يشبع عقدهم من المدينة الهاربة .
       كان صيفا حارا ... الحرارة بلغت أعلى درجاتها، الحشائش اليابسة أصبحت هشيم تذروه الرياح، جو المدينة الخانق والحرائق الملتهبة خلق ضغطا رهيبا ... كان صيفا مرعبا لكل سكان المدينة فقد شهد حالات انتحار العديد من الشباب ... في كل مرة نتلقى خبر انتحار شاب فيصبح حديث المدينة ولا نكاد ننسى حادثته حتى ينتحر شاب آخر ...

في لحظات جنون
في لحظات تمرد
يكون قد اختفى من ذاكرة
المدينة
مدينة أحلامه الضائعة
      
          سار الزمن بخطى مسرعة فارا من تلك الأحداث الأليمة التي طبعت صورها البشعة في ذاكرتي . انتهى الزمن وجاء زمن آخر حاملا ملابسه الداخلية يمشي عاريا في الأسواق والطرقات يضاجع العاهرات على مشارف المدينة ويستدرج القاصرات إلى عالم الرذيلة والمهلوسات ...
لم تعد الألوان تستهويني ولا تمتع بصري ،فكل اللوحات المرسومة كانت ضرب من الخيال يحاول تغيير واقع ... حتى تلك الوجوه البريئة ذات النظرة الساحرة التي تسافر    بأحلامي بعيدا قد ذبلت وطغت عليها مسحة حزن لأنها أصبحت مجرد ديكور يعلق على الجدران لاتستهوي عينا ولا تحرك مشاعر ...
في تلك السنوات كنت أقابل بعض الوجوه المقنعة تحمل أقلاما ...تتباهى بريشات ...وتضع  ربطات عنق ... تسدل ضفائر شعرها لتض
في عليها نفاقا صارخا ،كان "علي"مازال يداعب ريشته في غيا هيب المدينة يرسم وجوها هاربة من عمق القهر تضع مساحيق خادعة فيمسحها بلمسات فنية ليكشف الزيف الذي كانت تخفيه ...
لم يمر وقت طويل فسقط "علي"فريسة للمرض الذي نخر جسده وأفسد تقاسيم وجهه فبدا شاحب كشبح خرج في ليلة مظلمة ... لم يعد يقوى على مداعبة الريشة
كانت لوحاته الفنية تعذبه تارة ،وتشعره بالفخر والاعتزاز تارة أخرى فينسى للحظات مرضه ...آلمه ... حياة التهميش التي يعيشها... لقد أصبح نكرة لايعرفه أحد ،حتى تلك الوجوه التي رسمها شاحت عنه ...
في كل مرة كان المرض يضعف جسده فبدا وجهه أكثر شحوبا وعيناه غائرتان الموت يحوم حوله ،يتقدم منه شيئا فشيئا... في يوم... في لحظة ... حان وقت الرحيل
فرحل في صمت ...

غربت شمس عمره
تعانق الأفق البعيد
كعاشقة تفارق حبيب
لم يبقى منه سوى ذكريات الأيام
       وكتابات من الزمن  القديم
هجر تفا هات الدنيا
وعفونة بعض بني البشر .


                *                     *                         *
     سار الزمن ... سرت أنا أراوغ مشاعري ،أكذب على عواطفي ،مازلت أحيا ،أحيا بلا هدف ... أهرب من نفسي...

تهب نسمة خريف
تلاعب أوراق الأشجار
في الأزقة الموحشة
تتسارع كالأطفال إلى صدر
الأم الحنون
هناك غير بعيد
يقف حلمي ينتظرني
وأنا غير آبه به
يحاول جري ...
إغرائي...
لست ادري كيف استطاعت هذه ال...؟ أن تبعث مومياء موهبتي ،وتحي من جديد مشاعر عشق الكتابة ؟
لست ادري أي سحر استعملت لتشعل نارا كانت خامدة في أعماقي ؟
هل نتقاسم نفس القدر ؟لا ادري ...بل ربما...
لكن  جعلتني أهرب إلى القلم الذي هجرته
هل تعشق ما أعشق ؟ لا ادري...
ستقتلني إذا مشيت في طريقها...
هربت منها بعيدا لكني أحملها،في قلبي ...هجرتها لكن كلماتها تقيض مضجعي وطيف خيالها احتل أحلامي ،نظراتها تجذبني إليها كمغناطيس ،لم أعد أقوى على مقاومتها ...

لم أكن اعلم انك قاتلتي
لم أكن اعلم انك فاتنتي
حفرت قبري
جهزت كفني
كتبت اسمي على شاهد القبر
فأنا روحا هائمة في دروب موتها
وجسد بين الأحياء يترنح من لثمالة
في أزقة البؤساء

أيتها الساحرة ... أعدتني إلى أوراقي إلى حروفي إلى كلماتي  مكنتي قلمي مني ...
كنت مجرد أنثى  بسيطة  بثوبك الأصفر ،عينيك السودان فيهما بريق ومغناطيس... 
ابتسامتك الساحرة ... لباسك المتواضع ... عصبيتك الصارخة ...آه ... هل أشاهد فيلما رومانسيا؟
لا... فالأفلام فيها كثير من الخداع ... أنت" كنجمة  كاتب ياسين "تسللت من دون أن أشعر إلى قلبي إلى حد العشق...آه ما الذي حدث...؟ لاشئ ... أحببتك فقط. فهل هذا مستحيل ... لا...  وهل هذا كثير طبعا ... لا ... على الأقل بالنسبة لي .... كنت مجنونتي
تزيحين عني الحزن ... تدفعيني إلى الأمام ... حتى حروف كلماتي ألفتك  ... أصبحت 
قطعة مني ... تسرين في دمي ...تعانقين أقلامي ... ترقصين على صفحات أوراقي 
 آه...ولكن سذاجتك اغتالت حروفي واغتصبت كلماتي ،وتمائمك زورت شعوري 
وزيفت أحلامي ... في كل مرة  كانت شيطنتك تتسبب  في موت قلمي ،وانتحار  أوراقي بل  في محو صورتك البريئة من ذاكرتي ... أصبحت امرأة أخرى قتلت أنوثتك بالمساحيق ومراهم التجميل ....لاتسحرني المساحيق...ولا تجذبني الملابس ... لا ألومك لأنك ساذجة... لاألومك لأنك سلعة للبيع فأنا لست زبون يشتري أجساد ... لقد أصبحت مثل كل هذه النساء  لايميزك عنهم أي شئ ...هل تعين الجرم  الذي ارتكبت ...لاأظن...؟
       إلى مدينة المرجان حزمت أمتعتي هاربا من كوابيسك المفزعة ... في ذلك الملهى الليلي
الذي يعج بالسكارى والفتيات يرقصن على وقع الموسيقى الصاخبة وصوت المطرب
الذي يبعث الحزن في القلب جلست عند إحدى الطاولات ... هنا لايوجد غير رائحة الخمر الممزوجة برائحة الدخان والعطور المختلفة...الأجساد هنا للبيع ... للكراء
في هذا المكان الكل  يتكلم لغة المال والجنس ... ماذا افعل هنا ؟ كان صديقي
في كل مرة يلح على بتناول كأس خمر ولكن نفسي ترفض ذلك ...لماذ ترفض لحظة
من المتعة ... من النسيان ... أليست نفسا مثل هذه النفوس ؟ شعرت بالاختناق فهرعت إلى الخارج ... لااستطيع أن أقتل نفسي ... أها ها... هي ميتة أصلا ... هيا إذن أطلق العنان وارقص ... اشرب ... اضحك ... أكتري جسدا ... العب به ...يلعب بك
لايهم... المهم أن تقضي ليلة بعيدا عن ملاكك ... الليلة ...ليلة شيطانك ... طبعا
أهأهأ ... تهت  وسط تلك الأجساد ... لم أعد أعي ما أفعل... 


آه أيها القلم ... كم اسلت.حبرا على الأوراق ... كتبت هموم وأحزان ... كتبت كلمات غزلية وأخرى عتابية
أبقيتني ساهرا ... أمشيتني بخطوطك في الدروب الوعرة ...طفت بي بلاد السند والهند هجرتني من بلاد العرب إلى بلاد العجم ...
في سجن كتاباتك أسرتني ... في زنزانة تيهانك قيدتني ... آه أيها القلم ...أسرتني ...فك قيدي ... أطلق يدي ...

       راحت تخاريف أحلامي تقبلني ...تراقصني على موسيقى ميتة ،تحاول اغرائ بعبق عطر حنط به الموتى حتى لا أتوقف عن الحلم بها  لكن صخب الحياة دفعني إلى التياهان بعيدا عن الحرف ...عن الكلمة ... عن القلم... عن بياض الأوراق .....؟              
 سرت مع تخاريف أحلامي تغريني وأغريها ... في لحظة عابرة ...غادرة عصفت برأسي طعنتها بخنجر مسموم ...  سقطت عاى الأرض  ملطخة بالدماء تمالكت نفسي  ... الموت يكون في بعض الأحيان رحمة للمعذبين ... صرخت من الألم لكنها ترفض تموت أن رغم كل ذلك العذاب...
  فاسق أنا... مجرم.أنا... لايهمني... المهم أني هربت من تخاريف أحلامي...رحت أمشي... امشي إلى أين .؟ لاأدري ...؟ مات ذلك الحلم البرئ ،واستيقظت  أحلام شيطانية ترقص على نار الرذيلة المحمومة ... في ذلك البيت ... وعند تلك الزاوية رميت قلمي ومزقت أوراقي على صوت موسيقى ،وصراخ طفل كسر لعبته...
رن الهاتف ... مرة ... مرتان... مرات ...لم يعد يهمني ... لم تعد تستهويني رناته
لم أعد اشعر بشئ يحرك أعماقي ... مات كل من لايمشي مع  هذا الزمن
ماذا انتظر ؟ انتظر أن أموت مثل أحلامي ...آه ... فطيفها يقبلني ،يراقصني على موسيقى ميتة يحاول اغرائ بعبق عطر حنط به الموتى...

    كنت أسير في درب الحياة محطما ... مشردا ... تتقاذفني الأحداث  من رصيف إلى آخر ...  أحمل في أعماقي جراح الأيام  ...لم أكن اعلم ما تخبئه الأقدار ...
      قد يمشي أمامك شخص مهم ولايجذب اهتمامك ... ويمشي شخص بسيط بمجرد ماتلمحه ... تصعقك كهرباء من الضغط العالي ...تفقد توازنك ...تشعر فجأة بالدنيا تفتح لك ذراعيها ...ولكن لماذا كل أولئك الأشخاص لم يشعروك بهذا من قبل ؟
كلمة... كلمتان... كلمات متتالية ... عبارات لاتنتهي إلا بزفير الشوق ...
     سرى ذلك الإحساس كفيروس في دمي ... لم تنفع معه كل المضادات الحيوية
بدأت جيوش المناعة تضعف شيئا فشيئا ... في الأخير كان لابد من الآستيسلام 
      لكل ذلك الإغراء ...كانت الكلمات الدافئة تسري في جسدي حمى وقشعريرة لاتقاوم
   بل لماذا أقاومها مادمت تحملني بعيدا في سفر حلم التقاء الجسد بالجسد ...
        
        رغم المعاناة ... رغم الحمل الثقيل ... تقف ... تقاوم بكل جرأة ...جرأة دفعتني لأكون    أكثر جرأة... المواعدة بلقاء حميمي ،كان يفرض نفسه في كل لقا ء رغم محاولات التملص  إلا انه أغلق جميع منافذ الهروب ... ولماذا الهروب أذن..

            في الحمام كان الجسد يسترخي... يعد نفسه للاستقبال الجسد لآخر ويأخذه بالأحضان .   في ذلك البيت الذي يبعث الوحشة في النفوس جلست انتظر ...  الانتظار ممل... كان جسدي متعبا ... منهكا ... من السهر... لكن للهفة على اللقاء طردت ذلك التعب وشعر بحيوية ونشاط ...كان الماء ينساب على الجسد وهويعزف سنفونية ألحانها من وحي الاشتياق ... عقارب الساعة تسير ببطء ... اه متى يحين الموعد ؟
لحظا ت عصيبة تفقد فيها الأعصاب... توترك،...تغضبك بل تصبح مجنونا وسفاحا...
لم يكتب للجسدين  أن يلتقيا ... وللمشاعر أن تطفئ لهيب النار المشتعلة ... لم تشفع لهما كل تلك الأيام ... لم تشفع لهما كل تلك الكلمات ... لم يشفع لهما كل ذلك الزخم من الرغبة الجامحة ... في لحظة تغير كل شئ ... أصبحا كالغرباء... لم يبقى ينهما سوى لغة الأنا التي آتت على كل شئ..
عاد طيف  تخاريف أحلامي يقبلني ... يراقصني على موسيقى ميتة ... يغريني بعبق حنط به الموتى... لم يكتب لي أن استنشق عطر يبدد الكآبة القابعة في أعماقي ... لم يكتب أن تلتق أنفاسي المتدافعة بتلك الأنفاس الممتزجة بالرغبة الجامحة... لم يكتب ... ولم يكتب ... وكم من مرة يجب  أن أعدد هذه الكلمات... و لماذا لم يكتب؟ر بمالأنها تخاريف أحلام... لكنها تعذبني . تحرقني ... تكويني ...بل تقتلني ... بصوتها ...بأمأماتها ...ولكني لاأريد أموت
نزعت ثيابي التي لبستها لأول مرة ...مازال العطر يفوح منها ...وضعتها في خزانة ملابسي ودفنت فيها أيام وذكريات حفرت لنفسها لحدا في أعماقي .

     أكتب
لتنزل كلماتك مطرا
فيغسلني من تفا هاتي
ويطهرني من ذنوبي
لاتنسى أني امرأة احمل عشقا
في صدري.
لاانثى يميزني انتفاخ
ثديي
لقد أشعرتني أني امرأة
لاانثى هاربة من زمن إلى  زمن
أأقول لك مثل ماقال مطر
أتقولي لماذا يسقط المطر؟
    
لم يكن أمامي سوى أن أعزي نفسي ، بل اقتل نفسي بين أحضانا تداعب جسدا ممدا كميت فوق نعش ينتظر أن يقبر ...لكن تخاريف أحلامي تأبى أن تهجرني تقبلني فتذهب عني السكر بأمأماتها لأنهض هاربا إلى ردهة النزل فلم أعد أتحمل الموت في ذلك المكان ...
كنت ابحث عن لحظات  معها لغرق في بحر من الرغبة المحمومة غير آبهين بما يدور حولنا فكل الدنيا لاتتسع لما يحدث بيننا لأنها تخاريف أحلام. ليتها كانت تخاريف أحلام بل واقعا كتب أحداث في دفتر أيامي وهل ينسى الزمن أننا كنا ولو للحظات عابرة... وهل ينسى القلم انه خط كلماته عن تلك اللحظات التي سرقناها منه ؟لااظن ،الحميمية مازالت تحتل أفكاري حتى وان أقسمت بأن أنساها، فأنا مصصم إلى اللقاء ولو بقي يوم واحد من عمري ...أنا من يجهز نفسه لأجلك ... أنا من يحتضنك ... أنا من يذيب الجليد الذي يحيط بقلبك ...أنا من يقف ببابك في لحظة جنون غير أبه بتلك الحثالة التي تنغص حياتك ... أنا مجنون ليلى في تخاريف  أحلامي .
      في صباح يوم مشمس ... ركبت الحافلة إلى المتجهة إلى المدينة لم تجذبني الموسيقى المختلطة بأصوات النساء وضحكاتهن ... والفتيات (الممكيجات) ... لم انزعج من صوت الحافلة المقزز ... كنت مجرد هيكل قابع في مؤخرتها ...
لم ادري كم استغرقت الحافلة من وقت للوصول إلى المدينة ... نزلت وسط ركام البشر
واتجهت إلى السوق ... نساء ... فتيات ... عجائز كالشياطين يرمقن المارة بنظارات الخبث والدهاء ... يضعن سلعتهن من بعض الحلي وأدوات الزينة التقليدية والألبسة المستعملة ...
السوق يعج بالزبائن في حركة غدو ورواح ... هناك بعض بائعات الهوى يتجاذبن أطراف الحديث بأزيائهن اللافتة ... كنت امشي والمشهد يتكرر أمامي وأنظر لعلي أجد ضالتي . ..
كانت الكآبة تقتلني ... لأني لم أجدها... أكملت طريقي مارا بجامع "الكا"أين يكثر بجانبه باعة "لخوانجية" كما يطلق عليهم لأنهم يتميزون بلحاهم ولباسهم الأفغاني ويبيعون العطور المستوردة من السعودية كما يبيعون الأدوية الطبيعة وغير بعيد عنهم شباب بزي مغاير تماما ... تسريحة شعر مرعبة كأنهم رؤوس الشياطين ... وسراويلهم المتدلية على مؤخرتهم يحملون الهواتف النقالة  يعرضونها على المارة
في كل مرة ينشب شجار بينهما فتسل الحناجر وتسيل الدماء ... لحظات وتحضر الشرطة وتلقي القبض على بعضهم والمارة يتفرجون من بعيد البعض يلعن والبعض الآخر يحوقل ...
حانوت "عمي لمباركيه" الذي كان يبيع خردوات الأواني  والأدوات التقليدية ،
،الحانوت عبارة عن معرض يحتضن حقبة تاريخية لمنطقة الأوراس ،كان الرجل متمسكا بعمله فخورا به ...بعد موته تحول إلى محل لبيع البيتزا ...الوقت لم يمر بعد... قطعت الشارع إلى شارع" الفوالة " روائح الفلفل المشوي... والدجاج المحمر تسيل اللعاب و"بوزلوف"المشهي لكن لم استطيع أن أتذوق أي منها فبالي مشغول ... في فناء"الفوالة" تتسابق إلى انفك راحة التوابل الممزوجة بالحمص فهو طبق شهي يأكله الغني والفقير ... كانت فسحة قتلت  فيها بعض  والوقت ...
      مررت بدار الثقافة ألقيت نظرة على معرض للفنون التشكيلية ... عادت بي الذاكرة إلى أيام كنت أداعب فيها الألوان بأناملي ،كم هي جميلة تلك الرسومات التي أنجزتها مواهب صنعت وتصنع الحدث في المدينة؟....الزمن يعيد نفسه في هذا البهو كان الرسام "الشريف " يعرض لوحاته ...  مازال طيفه يزور المكان في كل مناسبة يحلق في السماء يجالس تلك الأرواح الهائمة في دروب الفن...
"الهاشمي "أيضا كان حاضرا بكتاباته بروحه التي لاتقوى على فراق دار الثقافة ... لحظات عناق طويلة يبن الماضي والحاضر  ...
عدت أدراجي إلى السوق مازال يعج بالزبائن ... لم أكن مهتما بأصوات ألبا عة الذين يدفعونك دفعا لتشتري منهم أي شئ "... سامحني سيد"ي لم انتبه أفقت من غفوتي ولم أكن ادري ما حدث " رآك أمسامح" حتى المتسولون لايتركونك وشأنك كنت اكرر كلمة "ربي انوب"...
شققت طريقي وسط الأجساد ... رفعت راسي وإذا بها اتية من بعيد تمشي بخطى متثاقلة آه... لقد حضرت... أحسست بنشاط يسري في جسمي ... داهمني إحساس بأن اجري لاحتضانها ... هممت بفعل ذلك ... ولكن عدت إلى صوابي ... سأجذب كل الأنظار بفعلتي المجنونة هذه ...

أيها لآتي من بعد
يحمل أسفارا من التاريخ
ويأكل خبزا بالماء
حتى لايسقط في الوحل
وقنوات الصرف
أعرني عصاك أتكي عليها
لأصل إلى محطة أحلامي
وابحث عن حلم
ينتظر حافلة ليسافر بعيدا
من وشوشة الذباب
ونباح الكلاب
       
   الحروف حزينة ... الكلمات في حداد ... حتى تخاريف أحلامي تأبى أن تقبلني ... أن تراقصني ... أن تحاول اغرائ  لأني لم أنفذ وعدي بلقاء حميمي ... كل شئ يخاصمني
حتى قلمي تمرد علي فهو لايريد أن أ يكتب احتجاجا عن عدم للقاء يها ،أيتها الماكرة
أعدتني إليك كالآبق محموما على احتضانك لأجعلك تذبين كقطعة شيكولاطة
لأنهي كل هذا العذاب ... لكن كلما تذكرت ذلك الماضي تنطفئ ناري و تثور ثائرتي وانتمى أن لا أرى سوق النساء ولاصفيح بيتك ولا اسمع صوتك  ولا امأماتك ...فهلا صفحت عني ياقلمي وتكتب هذه الكلمات :

إذا تصفحت يوما يابنفسجتـــــي1
هذا الكتاب الذي لايشبه الكتبـــا   
تباركي بحروقي ... كل فاصلــة 
        كتبت بالضوء عن عينيك.هل أحد 
 سواي بالضوء عن عينيك قد كتبا
  وكنت مجهولة حتى أتيت أنــــــــا
                                         
 



                                  *              *                     *
        
 كل هذه الكلمات ... كل هذه العبارات ... بل كل هذه الصفحات ...ربما عمري كله بأحلامه التي أحملها ...بالمدينة التي أعشقها... باوراسي الذي أفتخربه ... كل هذه الكلمات و عندما تعصف بي ريح الحنين تأخذ كل هذا الزخم فلايبقى سوى صدى أغنية شاوية تشعل نارا بكلماتها وموسيقا ها الشجية لتعيد ذكريات قصص من الزمن الغابر.وتبعث الحياة في مدينة باتنة التي بنيت على زخات الرصاص وخطت كلماتها انامل طبعت عليها قبلات الأمهات ...
كل هذه الكلمات ... كل هذه العبارات ... بل كل هذه الصفحات ....ربما عمري كله بأحلامه التي أحملها ... بمدينة الرومان التي يقطنها ألف ساحر وساحر يتصنعون الصلاة...وألف عاهرة وعاهرة تتصنعن الشرف وألف حمار وحمارفي الأزقة ينهقون وألف منافق ومنافق  وقصر خرافي تركت فيه أحلامي وصورا من خيالي... تأبى حروفي أن  تحن لك... وقلمي يأبى أن يشتاق لك وأوراقي تأبى أن تفرش نفسها لك في هذه المدينة التي تبيع نفسها كل يوم.
أغريني ... قبليني ... راقصيني ياتخاريف أحلامي قبل أن أختفي من ذاكرتي مدينتي مدينة أحلامي الضائعة...
ا


                                                   

                                                    *                 *                *

              خمسون سنة مرت ... عاد التاريخ زائرا للمدينة ... لعاصمة الأوراس ليستعيد ذكريات ويسرد أحداث ويحكي قصة عشق سرمدي بين ثورة وشعب ... قصة عشق من وحي الصدف وقصة عشق الحروف والكلمات ...
على جبال الأوراس نتواعد... نتبادل القبل... نتعانق ... نتخاصم ...نبكي من جراح الماضي نداويها بجرأة الحاضر وأمال المستقبل ،  نلتقي في الأحلام بلا أحقاد كما الثورة والاستقلال لكن عندما أتذكر الذين تعفهم النفوس بروائحهم المقززة وأسنانهم الصفراء الصدئة تنفر منك نفسي فتصبحي مجرد مقبرة لمرتزقة يقبلون تزوير الشعور ولا يحسنون اللعب على الأفواه والنهود فهم كاليهود يعبثون بفلسطين يقتلعون أشجار البرتقال والزيتون
أغريني... بعبق عطرك الفواح ... قبليني ... راقصيني على موسيقى الانتصار قبل أن أختفي من مدينتي ويبقى الجرح القديم  لايدوايه الانتقام إلا أناملي التي تحسن اللعب على الأجساد لأني لست عبدا أنقاد لعقدة الرجال التي تسيطر عليك .ومع ذلك صنعت منك قصة في لحظة قد تساوي عمرك لتولدي من جديد كطفلة صغيرة بريئة ،تحب مص الحلوى وياليتني كنت أنا الحلوى ولكني ولدت لأحتضن من تأكل الحلوى لأني لآأعاني من عقدة النساء فكل جراحها عندي مثل حروق الثورة... مثل قصيدة تغازل طفلة... مثل جرعة خمره... مثل شوكة وردة...
هيا ... أغريني ... بعبق عطرك ... اجذبيني بأمأما تك ... راقصيني على موسيقى انتصار الثورة ... في ساحة عاصمة الثورة... في ليلة كليلة انتصار الثورة.. قبل أن أختفي من مدينتي .وتنتهي قصتك  ياطفلتي الحلوة  ولكن الثورة لاتنسى والكتابة لاتضجر مني حتى وان بكى قلمي بدموع الشمع والحروف لاتغضب مني لأنها تعلم أني كالطفل الصغيراثور وأهدأ عند عرائس السكر... عند حديث أمي  التي لاتسأم من طفلها المدلل.الذي أصبح أبا ولم يكبر.
راحت تخاريف أحلامي تقبلني ... تراقصني على موسيقى ميتة ... تغريني بعبق عطر حنط به الموتى حتى لاأتوقف عن الحلم بها .
                                      *                 *                *
        
  مرت الأيام تجر بعضها البعض مثقلة ... ثملة ... تنعي بعضها البعض على دفاتر العزاء ... وسط ذلك الجو الحزين ... تستيقظ ذكريات كانت مهملة ... لا بل هاربة من ظلم الزمن ... تتقدم من هذا الفاسق ...تحتضنه ... تبطل عنه سحر الفسوق... تغسله بدمع الشوق  تعيده إلى طهره ... إلى إنسانيته ... آه ... مالذي حدث ؟لست ادري ... المهم التقى رجل وامراةليحتضنهما التاريخ في لقاء حميمي تمتزج فيه الروح بالجسد والرومانسية بالواقع و الأنفاس المحمومة المتدافعة لتطرد لحظات طيش عابرة عبور الطيور المهاجرة...لا طلاسم ... لاتمائم ... في حضرة صاحب الجلالة "فريكسوس"... وصاحبة الجلالة" ايلي"...
هولقاء ليس ككل اللقاءات ينسى قلبي كل النساء إلا أنت لأنك امرأة   تعيشين بداخلي ...  في حروف كلماتي ... كما الثورة في شراييني...كما الشهداء في ذاكرتي  كما الوطن في العشق ... كما الزخات في الرصاص... تسكت الأمأمات  ...ترحل العاهرات  من المدينة وينتحر السحرة على التماثيل  ...تغادر الأحمرة شوارع المدينة  ويسقط قناع النفاق وينتهي زمن لم يكن أصلا يستحق أن يسمى الزمن... تعود الحياة هادئة ويكتب القلم أن القلم لن يغتال حروفي ولايمكن أن اترك قلمي أسيرا لعاهرة مثقلة بعقدة الرجال،تضاجع من يذعنون ولا يأمرون...                                                                                   لايمكن أن أسمح لساذجة لاتعرف معنى الكلمات ورسم الحروف أن تصنع يومياتي بل تصنع تعاستي  وأحزاني فهي لاتعرف السعادة حتى تصنع لي السعادة   ولا أقبل حياة الطلاسم وتزوير الشعور و أطبع قبلا محمومة من اشتعال البخور.                                                                                                 
       ياملكتي لماذا لم أكثر الحديث عنك ؟ الجواب ببساطة لأنك الحديث كله من تراقص عينيك كلما نظرت إليك ...من ابتسامتك... من صمتك ... من حديثك ... من هزلك
من حرارة يدك ... من رحيلك ... من انتظار عودتك... أنت الحديث كله ... أنت من يعيدني إلى الطريق كلما انحرفت... أنت من يجعلني أرسم ... أكتب ... امحي كل تلك الذكريات الغبية...آهاهاها ... لأني فعلا كنت غبيا ... نعم ...أنت... من أحيا تخاريف أحلامي  ...    أنت لاتشبهين كل تلك النساء ... ؟؟؟ فالنساء تختلف كالألوان ... تختلف كالأزهار... تختلف كالموت والحياة...تختلف كا لكلمات... تختلف كالثورات...تختلف كالأحلام. فأنت الحلم... أنت الثورة...أنت الزهرة... أنت الحياة


                               *                        *                     *
       
 آه ... أف... أيها السؤال  كانت العودة  إلى ذلك الماضي متعبة ...مؤلمة  لكنها كانت هي الإجابة ، فالكتابة قدر لا مفر منه،والقلم صديق ليمكنني التخلي عنه، وتخاريف الأحلام هي من تصنع الكتابة ، والكتابة فضاء واسع أطير فيه بعيدا مع فراشات الإبداع أبحر فيه إلى الأفق  مع طيور النورس لذا لايمكنني الهروب من قدري  فأنا أسير القلم وخلاصي لايكون إلا بالقلم.ولست آبه بالحثالة لأنها لاتفهم كل ما يكتب أليس كذلك...؟طبعا هو كذلك...

 فكل الدروب أمامنا مسدودة*1
وخلاصنا ...في الرسم بالكلمات..
      
راحت تخاريف أحلامي تقبلني ... تراقصني على موسيقى  شاوية وأخرى أندلسية
تغريني بعبق عطر تحي به الموتى حتى لاأتوقف عن الحلم بها.طبعا ومن هو المجنون الذي يتوقف عن الحلم بها.رغم جنوني فأنا لن أتوقف عن الحلم بها... رغم صوت القصدير الذي يشوش أفكاري ... رغم جيوبي الفارغة ... ستبقى تخاريف  أحلامي تمضغها الأفواه لأنها تحكي قصة  حروف أبت أن  تموت ... قصة ثورة ...قصة عشق أبت أن تنتحر...قصة جنون الأدب وتخاريف أحلامه التي صنعت ثورة .

ورغم ماكتبته ...*1
ورغم مانشرته,...
ترفضني المدينة الكئيبة ..
تلك التي سماءها لاتعرف المطر
وخبزها اليومي ..حقد وضجر..

رفضتني المدينة الكئيبة  لأني لا أريد أن أعيش تحت سماء لاتمطر وتعاف نفسي
أن تأكل خبزا كله حقدا وضجر ... فتخاريف أحلامي تعشق تلك التي عيونها عشق لايشوبه ملل في مدينة بنيتها من حروف كلماتي وزرعت في حدائقها ورودا من أشعاري وكل ذلك صنعته تخاريف أحلامي "لتا تويا"التي صنعتني ودفنت تفاهاتي .
إنها لاتريد...
أن أموت في مدن الصفيح
أ وأصلب مثل ما صلب المسيح
أو أكون مجرد سوار في معصم
امرأة لاتفهم كلمات قلم جريح
.يكتب بحبر الجرح العميق 
إنها لاتريد
أن أموت في مدن الصفيح
لأنها اغتالت حروفي   
وسرقت ذكريات من أيامي
إنها لاتريد ...
أن أموت في مدن الصفيح
التي لاتعرف سوى عشق
التمائم والبخور
ونساؤها كلهن هياكل
بلا شعور
إنها لاتريد...
أن أموت في مدن الصفيح

احتضني "طاطويا"كالطفل الصغير عندما هدأت ثورة الغضب التي كانت تصبها
حروفي راحت تخاريف أحلامي تقبلني ... تراقصني على موسيقى رومانسية ... تحاول إغرائي بعبق عطر تحي به الموتى حتى لا أتوقف عن الحلم.
وقفت عند قبري أمي ... تدافعت الذكريات في مخيلتي ... رغم طول مدة الفراق إلا أني كنت اشعر وكأني  فارقتها بالأمس القريب ... صوتها يرن في إذناي ...ملامح وجهها ...لباسها التقليدي ... بسمتها ...  كل هذا سرقه الموت مني في لحظة ودسه تحت التراب  آه يأمي... لم يجد ابنك المدلل سبيل للهروب من سطوة القلم وعشق الكلمات.
في هذا الزمن العفن ... في هذا الزمن الغادر الذي اغتيلت  مشاعر الإنسانية
آه ... ياربي ...لو خيرتني لما عشت في هكذا زمن ...لو خيرتني لعشت في زمن  الكلمة ...في زمن القلم ...في زمن الكتابة ...
آه ...يا حروفي كتب لك القدر أن اخطك في زمن العهر ... لتصبحي عاهرة
لا بل متسولة ... لكنك ترفضين ذلك ...نعم ترفضين الإغراء ...ترفضين المساومة ... قد أموت في وحيدا في زاوية منزل ...قد أبقى منسيا على أطراف مدينة ...لكنك لا تموتين ...لا تستسلمين ... آنت كالقنبلة عندما تنفجرين
كالرصاصة عندما تخترقين تلك القلوب الميتة ...أنت الثورة التي قهرت الجبارين ......
 آه... ياكلماتي ...عانقي السماء ... راقصي أرواح الكتاب ...اروا ح الشهداء
ابتعدي عن الحثالة حتى لاتتلطخ ...ابقي طاهرة ...رغم ذنوبي فأنت بريئة
ورغم جنوني فأنت لبيبة ... أنا الفاسق ... أنا الخائن لأني تركتك  وحيدة
مهملة ...أنا اليوم أتوب امامك من كل ذنوبي ...اغتسل من تفا هاتي بحبر أنهارك المقدسة ...أنا اليوم أعلن أني جندي في مملكتك ...ثائر في ثورتك
على جبال الاوراس ... في قلعة "بالول "... هناك تسقط كل حسابات الزمن لتعلني انك من تصنعين التاريخ...








            









     
                                                                             
                              





   
   
 










                       الحبر الذي في أحشاء الأقلام                                        
                           هو بعض ما ينزف
                               جرح من يكتب

                                                               حبيبة محمدي




























طـــــاطويــــا


 


   

   
   






التعليق بقلم فضيلة الفاروق